حياة شاب مفكر
menu

مدونة شات الغلا

مدونة الغلا ، مدونه منوعه وشات صوتي

  • حياة شاب مفكر

    حياة شاب مفكر

    قصص الغلا

     
    قصص الغلا _ منذ أن ولدته أمه لم يكن كباقي الناس , حياته مختلفة تماما , ينظر الى الدنيا من زاوية لا يلقي الناس لها بال , كبر وتفكيره لم يتغير , ذلك الفتى الهادئ الذي لا يرد على من يؤذيه , طيب القلب , حنون ومسامح ,لا يتكلم إلا اذا اضطر لذلك , لا يمزح أبدا.. كل شيء في حياته جديا , لا يعرف الهزل إلا مع بعض الاشخاص الذين لا يفهمون إلا لغة الهزل , بلغ سن الرابعة عشر.. ذلك السن الذي يسمى في قاموس العالم ( مرحلة المراهقة ) وهو يعتبرها فعلا مرحلة مرهقة وتثقل الكاهل بالاحزان ... مع بداية هذه المرحلة ضاقت عليه حياته , فهو لا يحب مخالطة الناس والاحتكاك بهم ويعتقد أن هذا التصرف يريحه كثيرا لكن الحياة تفرض عليه أن يفعل ما لا يهواه قلبه , فالارض مليئة بالناس .
    مع بدء تلك المرحلة القاسية كان يتعرض للتوبيخ من اهله لأنه يرفض اطاعتهم في بعض الامور كالذهاب للسوبر ماركت , لماذا؟ لأن السوبر ماركت مليء بالناس وهو لا يحب مخالطة الناس , حتى اذا جاء ضيوف الى بيته يرفض مقابلتهم ويفضل العزلة .. الكل اخذ بشتمه وتوبيخه على هذا التصرف الغريب, لكنه اعتاد على عدم المبالا , يسأل نفسه: ما الفائده من مقابلة الناس والتكلم معهم ؟, يتكلمون بكلام كثير وبعد أن يذهبوا لا يقدم كلامهم ولو شيء بسيط للعالم! اذا ما الفائدة من الناس؟ لا شيء. كبر الفتى واصبح بعمر الخامسة عشر واستمر وضعه كما هو , الاهانات تزداد بحقه وتوبيخ اهله له يزداد , لن تصبح كبقية الناس .. لن تصبح مواطن صالح , انظر الى اخوتك كم هم اجتماعيين .. انهض.. تحرك.. انظر الى العالم ., لكن ذلك الفتى كتم غيظه في قلبه ولم يبدي رده فعل على تلك الاهانات المتكررة .. لكن نظر الحقد لاهله وللعالم لم تفارقه .... مرت الايام وجاء رمضان وبعده العيد, وفي صباح يوم العيد ذهب ذلك الفتى الى صلاة العيد , وبعد الصلاه تجمع الناس امام المسجد واخذوا يتبادلون التحيات والقبلات .. فقال الفتى في نفسه: كأنهم لاول مرة يرون بعضهم البعض.. شيء عجيب لماذا يتصرفون هكذا , عاد متوجها الى بيته وعند وصوله وجد امه تنتظره وقالت : تعال يا ولدي وسلم علي وقبلني , فاستغرب وقال: لماذا؟ فانا لم أغب عن البيت سوى ساعة واحدة , ما بالك يا أمي , ردت أمه عليه أنه العيد يا بني ما أصابك , لقد وضع الله العيد لكي يفرح الناس , لكنه لم يبالي لكلامها ... كبر الفتى وأصبح شاب بعمر السابعة عشر ..ازداد غرابه وأصبح أكثر انطوائية على نفسة , في العام القادم ستكون في الثانوية العامة اجتهد لتنجح لا تخزنا , لكنه لا يعرف لماذا ينجح , ابتعدوا عني لا اريد أن انجح اتركوني وشأني , الكل ظن أنه مريض نفسي أو يعاني من شيء , لأنهم لا ولن يفهموه ولا يعرفون بماذا يفكر , أصبح التفكير بالانتحار يشغل باله ليرتاح من عذاب الدنيا , لكنه لم يرد أن يخرج من جهنم الى جهنم اخرى , لم يكن يدرس جيدا وكان مهمل كثيرا لدراسته , يسأله أهله: لماذا لا تدرس؟ يجب ان تجتهد وتحضر نفسك للعام القادم , لكنه لم يكن يعرف ما فائدة الدراسة .. فقط يتعب الطالب نفسه لكي يحصل اخر العام الدراسي على ورقة من المدرسة تحتوي على ارقام لا فائدة منها لا تقدم ولا تؤخر , وعند مجيء الثانوية العامة سأحاول أن أدرس لأن تلك الورقة التي سأحصل عليها تكون لها قيمة مع أنها لا تختلف كثيرا عن أوراق العام الماضي , وأخذ أهله يعطونه النصائح والارشادات التي يمل منها كثيرا ويبينوا له أن الثانوية العامة هي مستقبله وأنه اذا لم ينجح سيصبح عامل ليس له قيمة , ولكن لماذا ليس للعامل قيمة وللموظف قيمة ..أليس كلنا أولاد تسعة ؟.. جائت الثانوية العامة وزاد الاهتمام بذلك الشاب واصبح نشيطا في أول السنة وأخذ يدرس بجد , لكن بعد مرور شهرين أصبحت حياته لا تطاق , كل يوم يفعل نفس الروتين , ينهض من نومه ويلبس ملابسه ويغسل وجهه ومن ثم يذهب للدراسة .. يا للمل ما أطول السنة! هل ساقضيها كلها على هذا الحال المقرف , لم يعد يطق شكل الكتب ولا حتى أصبح بمقدوره حفظ كلمة واحدة , .. لن تنجح ستقضي باقي حياتك بالفشل لن ينفعك عنادك .., انتهى العام وكانه دهر عليه وتنفس الصعداء , لقد كان جبل جاثم على صدره وارتاح منه , لم يعد يهتم نجح أم رسب كله سواء, لم يهنئ بالعطلة الصيفية وانهائه للمدرسة لأن أهله أجبره على الذهاب للعمل .. لم يجد مفر سوى القبول لعله يغير نمط حياته لكن حصل العكس, كان كثير التعليق والاعتراض على الاعمال الاضافية والأجور الزهيدة , ولا يسكت في المواقف التي يشعر بها بالظلم .. لم يستمر بالعمل لانه لم يقبل بالظلم , عاد كما كان في السابق لكن أهله وبخوه كثيرا بسبب خروجه من العمل , لكنه لم يبالي بهم فقط ينظر اليهم بنظرة الحقد الغريبة , يسأل نفسه : لماذا أعمل ولا يوجد لدي التزامات حتى أنني لا أصرف أكثر من دولارين في الشهر؟ .. كانت فكرة العمل تسبب له الاكتئاب , كان يعتبر العمل سجن للانسان لأنه يذهب للعمل مبكرا ويبقى طوال النهار في العمل ويعود في المساء الى بيته , فانه سوف ينسى شكل زوجته ولا حتى يعرف أطفاله , النوم المريح يصبح عنده حلم لا يتحقق , كل هذا لانه فكر بالزواج .. هذا نظام خاطئ يجب أن يصحح .. لايجوز أن يقضي الانسان معظم عمره في العمل ويرضى بالاجور الزهيدة , ولم ينزل الله في ذلك من سلطان .. كان ذلك الشاب لا يعطي للنقود أي أهمية ابدا , وحتى يتعجب من المتسولين في الشارع لماذا يذلون أنفسهم من أجل الحصول على بضعه أوراق ودوائر معدنية , يعتبر المال مجرد ورق عليها أرقام كتلك الورق التي كان يأخذها في المدرسة .. لا قيمة لها , ورق المدرسة صنع من خشب الاشجار وأيضا النقود كذلك , اذا لماذا ورق المدرسة ليس له قيمة وورق المال له قيمة شيء غريب يحتاج الى تفكير , ويتسائل : لو قمت بقطع جذع شجرة كبير وذهبت به الى شركة السيارات وطلبت مبادلته بسيارة حديثة هل سيوافقون ؟ طبعا لا وسيعتبرونني مجنونا , ولكن اذا حول ذلك الجذع الى اوراق النقود فانني ساتمكن من الحصول على تلك السيارة .. لماذا هذا التناقض؟ .. يحب ذلك الشاب السياسة كثيرا ولم تسلم هي الاخرى من أسئلته التي يعتبرها البعض غريبة , يتسائل : لماذا يمارس رئيس الدولة سلتطه على المواطنين ويحرمهم من بعض الامور مع ان الرئيس لم يصبح رئيس من دوننا , فنحن الذين قمنا بانتخابه وجعله رئيسا علينا؟ , ومن المفروض أن نمارس نحن سلتطنا عليه .. وبامكانك ضرب مثل على ذلك .. ومن أعطى تلك الحكومة السلطة على الثروات الطبيعية؟ , فمن المفروض أن يوزع خيراتها على الناس بالمجان لأن الله لم يخلقها فقط للحكومة .. ويتسائل : ما الفائدة من الحروب والقتل؟ , أليس كلنا بشر متشابهون , فلا يوجد بيننا سكان من المريخ او من كوكب آخر لنكرهه ونميزه علينا , أليس كذلك . يعتبر الناس أن أفكار ذلك الشاب غريبة ودخيلة على العالم , ولكن ذلك الشاب يرى أن أفكار العالم وتصرفاتهم هي الغريبة ولا تجد لها تفسير ... يتمنى دائما لو أنه يصبح رئيسا للعالم لكي يحوله الى جنة وينهى أمراض العقول المنتشر بشكل مريب في العالم , دائما يفكر ولا يجد من يقبل أفكار وحتى يسمعه , يقول : لماذا لا يوجد على المريخ حياة حتى اذهب له وارتاح من جحيم الارض والناس؟ , لن يترك العالم هكذا ولكنه سيغيره بطريقته الخاصة ...